الكنز
في يوم رحيل عم أيوب أبو جناح؛ اجتمع أهل الحي الذي كان يسكنه، راحوا يترحمون عليه و يتذكرون نوادره، أفعاله و أقواله:
ـ بصراحة هذا الرجل كان حكيماً...
ـ كيف تصفه بالحكمة يا عم بسيونى، و قد كان
أضحوكة الصغار، و هو يمد كلتا يديه في اتجاه أفقي، و يحركهما كجناحى طائر، ثم ينطلق
مسرعاً مفتعلاً أزيزاً يشبه أزيز الطائرة...
ـ و الله العظيم يا ولد يا مبروك؛ أيوب هذا
كان أعقل مني و منك، لكنه كان يستهبل استهبالاً؛ ليحقق مأربه من عطفنا عليه،
و تعاطفنا معه...
ـ الله حى... يعنى كنا بنأمن له، و ندخله
بيوتنا، و هو عاقل و واعى و عارف كل حاجه؟! يا سنه سوخه ياولاد!.
ـ لا... فكرك ذهب بعيداً؛ هو كان مهذب، و لكن
عيبه الوحيد هو بخله على نفسه؛ مع أن الكل كان بيكرمه آخر كرم.
ـ
أتريد أن تقول أنه كان كنوزاً للمال؟!
ـ لم لا؟! لقد كان يخشى اقتراب أحد من غرفته،
التي يأوى إليها، و يغلق على نفسه الباب بإحكام أياماً و ليالٍ...
ـ ربما ليسعد نفسه بمنظر الأموال، وعدها
جنيهاً جنيهاً، ثم إعادة ترتيبها و تستيفها!
هب الجميع دفعة واحدة؛ متوجهين إلى الغرفة
التي كان يسكنها، و اجتهدوا في البحث؛ إلى أن وجد أحدهم مقبضاً لصندوق مدفون في حفرة عميقة تحت الأرض؛ أخرجوه بصعوبة بالغة؛ فوجدوا فيه أوراقاً تثبت جنسيته غير
المصرية، وزجاجات مختلفة من الأحبار السرية!.